ساعة ذكية مصورة

الإنتاجية

ما سماتك الشخصية المتعلقة بإدارة الوقت؟

يكمن السر وراء الإدارة الناجحة للوقت في العمل على تعزيز نقاط القوة في شخصيتك. فهل أنت البطل المغوار أم البارز المشهور أم أنك المكرَّس للعمل أم الإمعة أم مَن ينشد الكمال؟ تقرير: ماثيو جنكين

 

بدايةً من الحافلات ووصولاً إلى التطبيقات، ليس ثمة نهاية للمنتجات والخدمات التي تعد بتقديم المساعدة التي تسهم في تحسين إدارة أعباء عملك وزيادة معدل إنتاجيتك. ولكن في حين تبدو لوسي، العاملة في مجال التسويق، غارقة طوال يومها في إنجاز مهامها حتى يتسنى لها العودة إلى المنزل في الوقت المحدد، لماذا تنجز بالكاد نصف قائمة مهامك فقط عندما تدق الساعة في تمام الخامسة مساءً؟ لأن الإدارة الفعالة للوقت لا يحددها عدد الساعات التي نعملها – بل تتوقف على سماتنا الشخصية.

ولطالما تشكك أصحاب الأعمال أنه ليس ثمة نهج واحد يناسب الجميع، وأصبحت اختبارات تحليل الشخصية، على غرار مؤشر مايرز بريغز للأنواع (MBTI)، وسيلة شائعة للشركات لتقييم موظفيها. ويكمن نجاح مؤشر مايرز بريغز للأنواع (MBTI)في بساطته كما يرى الكثيرون. من خلال 39 سؤالاً، استُبطت جميعها من أعمال عالم النفس كارل يونغ، يمكن تقسيم جميع الموظفين إلى 16 نوعًا مختلفًا: مجموعات من الانطوائيين والمنفتحين والمفكرين والعاطفيين والصارمين والفطناء.

وتؤيد بيفرلي فلاكسينغتون، مستشارة الإدارة والخبيرة في مجال السلوك، الفكرة بأنه في سبيل الوصول إلى وسيلة ناجحة لإدارة الوقت، يتعين عليك الأخذ في الاعتبار السلوكيات الفردية للموظفين في العمل.

وتقول: "أذكر أنني منذ سنوات عيّنت شخصًا لمساعدتي في تنظيم ألأشياء ولتحسين الكفاءة. فوضع كل شيء في صندوق وأخفاه، في الواقع، أنا شخصية تتأثر للغاية بالمرئيات، وأحب رؤية الأشياء أمامي، ولذلك أصَبت بالانهيار. واستطعت بالكاد مواصلة العمل. وحينها بدأت أن أدرك أن الأمر يتمحور حول نمط الشخصية الطبيعية للشخص."

فما هي إذًا أنواع الشخصية الخمسة الأكثر شيوعًا وكيف يمكن لكل فرد إدارة سلوكه لتحسين إدارة وقته؟

1. البطل المغوار

تقول فلاكسينغتون: "سيرى هذا الشخص مبنىً يحترق ويجري نحوه دون انتظار لوصول فرقة الإطفاء، حاله في ذلك حال المرأة المعجزة أو الرجل الخارق. كلّف هذا الشخص بمجموعة من المهام التي تبدو مستحيلة، وسينجزها ويتمها بسرعة تفوق سرعة انطلاق الرصاصة. ويكمن موطن الضعف، مع ذلك، في المجهود الذي يبذله في إعداد جدول أعمال يومه، فقد ينسى بعض الأشياء".

التحوُّل في إدارة الوقت: ترى سوسي روبرتس، وهي مدربة تنفيذية ومؤسِّسة شركة Hunter Roberts(2) للاستشارات المتعلقة بتنمية الأفراد، أن هؤلاء الأشخاص يستهدفون تحقيق النتائج وغالبًا ما يتصرفون دون إمعان النظر في مدى إلحاح هذه المهمة ومدى ضروريتها. وتنصح روبرتس هؤلاء بالتراجع قليلاً والنظر المتعمق إلى ما يجب إنجازه أولاً بدلاً من الإنجاز الفوري لما يظهر في علبة الوارد لديهم مهما تكن درجة إلحاحه وضروريته.

ويتفق معها ستيفن كوفي – مؤلف كتاب (العادات السبع للناس الأكثر فعالية) (3) – ويوصي بتصنيف المهام وفقًا لأربعة مقاييس: هامة/غير هامة وعاجلة/غير عاجلة.

2. البارز المشهور

من الرائع حقًا أن تُقام حفلة في المكتب، ولكن بالنظر إلى الوقت المستغرَق في المحادثات، يعد أمرًا عجيبًا أن يقوم هذا النوع بإنجاز أي من الأعمال على الإطلاق. فربما يكونون مبتهجين وودودين وكثيري الكلام ويحبون الاستمتاع إلا أن اليوم سينقضي بمحاولة إنجاز القليل من المهام المدرجة في قائمة المهام، ناهيك عن إنجازها بالفعل. وترى روبرتس أن نزوعهم للتباهي بإنجازاتهم يمكن أن يعطي انطباعًا بأنهم أكثر إنتاجية مما هم عليه في الواقع.

وتلاحظ فلاكسينغتون أنه: "انقضى كل هذا الوقت فجأة. فقد اعتقدوا أنهم كانوا سينجزون 15 مهمة اليوم، ولكنهم انخرطوا في أحاديثهم واستمتعوا بوقتهم، ولم ينتبهوا حتى لانقضاء الوقت."

التحوُّل في إدارة الوقت: هؤلاء هم الذين يستفيدون حقًا من توافر إستراتيجية محددة. وتنصح فلاكسينغتون أنه في حالة الشروع في تنفيذ مشروع ضخم، فعليك تقسيمه إلى مهام صغيرة، وتنظيمها في الجدول الزمني وضبط رسائل تذكير بها. يحفظ الجدول الزمني الرئيسي أعمالك وفاعلياتك الشخصية في مكان واحد، مما يجعل عملية الجدولة أسرع وأسهل، وهو ما يؤدي إلى تقليل عمليات إعادة الجدولة.

كما تعد إدارة البريد الإلكتروني أمرًا بالغ الأهمية. فوفقًا لدراسة صادرة عن معهد ماكينزي العالمي McKinsey Global Institute(4) عام 2012، فإن أكثر من رُبع يوم العامل، في المتوسط، ينقضي في الرد على رسائل البريد الإلكتروني وقراءتها. وتوصلت الدراسة إلى أن البريد الإلكتروني يعد النشاط الثاني الأكثر استهلاكًا لوقت العاملين، إلى جانب "المهام ذات الأدوار المحددة".

وذكر زاك هانلون، وهو خبير في مجال التسويق والمبيعات، في مقالة كتبها في مجلة Fast Company(5) أن السر يكمن في التوقف عن "ترتيب" رسائل البريد الإلكتروني تبعًا للموضوع والبدء في التفكير فيها من ناحية مواعيدها النهائية. ويقترح الانتقال من عرض علبة البريد الوارد باعتبارها قائمة مهام إلى إنشاء خمسة مجلدات مرتبة زمنيًا حسب مدى إلحاحها/أهميتها.

نموذج لرجل صغير في الحجم يسير أعلى عقارب الساعة

 

3. المكرَّس للعمل

وفقًا لما أوضحته روبرتس، فإن هذا النوع من الشخصيات يكسب السباق بالبطء والثبات. فهم يفكرون في كل شيء بتدقيق شديد، ويتسمون بتوخي الحذر وتبني منهجية بعينها ويتمتعون بالاستقلالية التامة فيما يتعلق بطريقة إنجاز مهامهم. لذا، فإنهم سيخططون ويرتبون أولوياتهم بشكل جيد للغاية، ولكن قد يُنظر إليهم على أنهم يبالغون في توخي الحذر، في حين قد يشعر آخرون بالإحباط بسبب خمولهم. كما يمكن أن يؤدي بهم تفانيهم في أعمالهم إلى عدم رغبتهم في مشاركة أعباء عملهم مع غيرهم.

التحول في إدارة الوقت: تقول فلاكسينغتون: "لا توجد فكرة إسناد مهامهم إلى آخرين والثقة بهم في القيام بها في حمضهم النووي"، "وبالتالي، يمكنك النظر إلى يومك وتحديد أهم ثلاثة أو أربعة أمور تحتاج إلى التركيز عليها. استبعد المهام التي تعلم أنه يتعين عليك لزامًا القيام بها وحدد تلك التي يمكنك تفويضها إلى غيرك".

يبدو أن تفويض المهام يعتبر مشكلة شائعة. كشفت دراسة أُجريت عام 2007 حول إدارة الوقت(6) عن قلق ما يقرب من نصف الشركات التي شملتها الدراسة والبالغ عددها 332 شركة بشأن مهارات موظفيهم التفويضية. وفي مقالة نشرتها مجلة "Inc"(7) قدم جيسون ديمرز – مؤسس شركة AudienceBloom للتسويق بالمحتوى ورئيسها التنفيذي – نصيحة لقادة الأعمال الذين يجدون صعوبات في التفويض. فعلى رأس الأولويات، على سبيل المثال، يقترح ديمرز إسناد العمل إلى الموظفين الأكثر مهارة في إنجاز المهمة بدلاً من إسناده إلى ذوي الأعمال الأقل.

4. الإمعة

وفقًا لما ذكرته روبرتس، يتمثل كل ما يريد أعضاء الفريق الأساسيون القيام به في تقديم المساعدة والدعم لزملائهم. المشاركة أمر ذو أهمية بالطبع، ولكن تكمن الخطورة في إحجام هذا النوع عن تأجيل بعض المهام بحيث ينتهي بهم المطاف إلى إقدامهم على ما لا طاقة لهم به. وبالتالي، ينتهي بهم الأمر إلى العمل لساعات طويلة للغاية أو عدم الالتزام بمواعيد إنهاء مهامهم.

التحول في إدارة الوقت: تقول (هيلدا بورك)(8)، وهي طبيبة نفسية ومدربة على فنون الحياة: "تعلم أن تقول "لا"" وأكملت: "إن تحدي هذا النوع من برامج العمل يمكن أن يستغرق بعض الوقت، ولكن يمكن القيام به. وإذا كنت لا تزال تكافح من أجل تأجيل بعض المهام وشعرت بالإجهاد الشديد، فمن الأهمية بمكان أن تحصل على فترات استراحة".

يبدو ذلك واضحًا إلا أن الأبحاث توصلت إلى أن الحصول على فترات راحة منتظمة يسهم في تحسين الإنتاجية. وأوضح تطبيق الإنتاجية الذي يتتبع استخدام الموظفين للكمبيوتر DeskTime أن طول فترة التوقف المؤقت المثلى يُقدَّر بـ 17 دقيقة. وفي عام 1999، استعان مُختبر أبحاث الهندسة البشرية في جامعة كورنيل (Cornell University’s Ergonomics Research Laboratory) بأحد برامج الكمبيوتر لتذكير العمال بأخد فترات راحة قصيرة.

وخلُص المشروع(9) إلى أن "العمال الذين يتلقون التنبيهات [التي تذكرهم بالتوقف عن العمل] كانوا أكثر دقة بنسبة 13 بالمائة في المتوسط في أداء عملهم من زملائهم الذين لم يتم تذكيرهم". هذه الوسيلة التي تُعد بسيطة ولكنها فعالة أنتجت الكثير من التطبيقات بدايةً من تطبيق Marinara Timer(10) وصولاً إلى تطبيق PromoDone(11).

5. مَن ينشد الكمال

قد يستغرق هذا النوع الوقت الأطول لإنجاز مهامه إلا أنه، كما يشير الاسم، ينصب تركيزه بصورة كبيرة على النوعية والجودة وليس الكمية. وتوضح فلاكسينغتون أنه نظرًا للأهمية الشديدة للدقة في نظرهم، فقد يشعرون بالإجهاد والمعاناة إذا كُلفوا بالكثير من المهام. وسيشعرون بالتوتر الشديد إذا حاولت الضغط عليهم.

تحوُّل نهج إدارة الوقت: تمثل الفوضى العدو الأكبر بالنسبة لمن ينشدون الكمال، وبالتالي تُعد علبة البريد الوارد غير المرتبة والمكتظة بالرسائل غير المقروءة أمرًا مروعًا. ومع توقع زيادة حركة البريد الإلكتروني بنسبة أربعة بالمائة(12) عامًا بعد عام، فإنه كلما تمت السيطرة على المشكلة بشكل أسرع كان ذلك أفضل. ومع ذلك، فهناك عدد من الطرق التي يمكنك من خلالها التعامل مع تراكم البريد الإلكتروني.

إحدى أكثر الطرق انتشارًا ما تسمى بـ"علبة البريد الوارد الصفرية" – والتي من خلالها تبقي علبة البريد الوارد لديك فارغة أو شبه فارغة طوال الوقت. قد تمثل مهمة في حد ذاتها، ولكن يرى المخترع ميرلين مان(13) أن لديك خيارًا ذا خمسة جوانب عندما تستقبل رسالة جديدة: الحذف أو التفويض أو الرد أو التأجيل أو أداء المهمة. وهذا يحول عمليًا علبة البريد الوارد لديك إلى قائمة مهام، تنطوي على خيارات صعبة حول كيفية ترتيب الأوليات وإنجاز المهام بشكل فعَّال.


 

ماثيو جينكين صحفي بريطاني مستقل والمحرر السابق لصفحة جارديان كاريرز Guardian Careers، موقع جريدة الجارديان المجتمعي للباحثين عن عمل والمغيّرين لمسارهم الوظيفي

المصادر:

(1) https://www.myersbriggs.org/my-mbti-personality-type/mbti-basics/

(2) http://www.hunterroberts.com/

(3) http://www.amazon.com/The-Habits-Highly-Effective-People/dp/1455892823

(4) http://www.mckinsey.com/insights/high_tech_telecoms_internet/the_social_economy

(5) https://www.fastcompany.com/3067012/the-only-five-email-folders-your-inbox-will-ever-need

(6) http://www.i4cp.com/news/2007/06/26/you-want-it-when

(7) https://www.inc.com/jayson-demers/7-strategies-to-delegate-better-and-get-more-done.html

(8) https://www.theguardian.com/careers/2017/feb/28/overwhelmed-at-work-six-tips-on-how-to-beat-stress

(9) http://www.news.cornell.edu/releases/Sept99/computer.breaks.ssl.html

(10) http://www.marinaratimer.com/

(11) https://pomodoneapp.com/

(12) http://www.radicati.com/wp/wp-content/uploads/2017/06/Email-Market-2017-2021-Executive-Summary.pdf

(13) https://www.youtube.com/watch?v=z9UjeTMb3Yk